الحكومة تستعد لخوض حرب عالمية ثالثة ضد “بارونات الفساد”
قرار إجبارية التعامل بالصكوك البنكية “يبشر” الجزائريين
تستعد الحكومة ابتداء من الفاتح جويلية القادم لخوض حربها العالمية الثالثة ضد بارونات الفساد، بعد أن فشلت في تجربتين سابقتين في إجبار هؤلاء على استخدام قنوات شرعية في معاملاتهم التجارية عبر الاعتماد على الصكوك والتحويلات البنكية في المعاملات التي تفوق قيمتها 100 مليون سنتيم.
ومن المتوقع إن استطاعت الحكومة أن تمرر مشروعها والصمود أمام ضغوطات كبار التجار والمستوردين أن تنجح في التسبب في تصحيح أسعار العديد من المواد العالية الاستهلاك، حيث يجبر المتعاملون إثر القرار على أن يفوتروا جميع معاملات البيع والشراء وبالتالي الكشف عن أي تجاوزات تتعلق بمضاعفة هوامش الربح والتلاعب بالأسعار والمضاربة فيها.
ويبدو أن الحكومة قد أحسنت اللعب هذه المرة واستفادت من تجاربها الفاشلة فحددت سقفا أعلى للمعاملات بعد أن كان ينحصر في 50 مليون سنتيم وأعدت إجراءات عقابية قاسية للمخالفين.
ومعلوم أن الحكومة حينما كان على رأسها آنذاك أحمد أويحيى قد وضعت جملة من التدابير لمواجهة الفساد، لاسيما ما تضمنه البرنامج الخماسي للحكومة 2010 - 2015 ومنها إلزام المتعاملين بالشفافية في كل معاملاتهم التجارية، من خلال إجبارهم على التعامل بالفواتير وتبرير هوامش الأرباح المطبقة، إضافة إلى إلزام كل المتعاملين بتحيين أوضاعهم تجاه مصالح الضرائب للحصول على الرقم التعريفي الجبائي.
لكن مافيا المضاربة بالأسعار والتهرب الضريبي حالت دون تطبيق القانون على أرض الواقع، لاسيما تجار الجملة وبارونات السكر والزيت حينما تم اللجوء إلى رفع سعر المادتين الأساسيتين في الحياة اليومية للمواطن مما ألهب الشارع، وأثار موجة من الاحتجاجات العنيفة شهدتها مختلف مناطق الوطن خلال جانفي 2011 وكادت أن تصل برياح الربيع العربي إلى الجزائر، وأدى الأمر حينها إلى طرح جملة من التساؤلات لدى المتتبعين للشأن الوطني، عن خلفياتها، أسبابها، توقيتها، وأهدافها، لكن الأهم أيضا عن من كانت تلك الجهات التي تقف وراءها وتضاعفت تلك التساؤلات بعد آخر خطاب للوزير الأول آنذاك أحمد أويحيى قبل أن يتم استبداله بالوزير الحالي عبد المالك سلال الذي قال فيه إن بارونات الفساد تتحكم في عصب الاقتصاد الوطني.
بارونات أسواق الجملة يهددون بثورة زيت وسكر ثانية
وإن كانت القراءات آنذاك تصب في اتجاه واحد وهو اتهام بارونات الاستيراد وكبار التجار بتحريك الوضع للضغط على الحكومة وإجبارها على التراجع عن الإصلاحات التي أقرتها في القطاع ومنها على وجه الخصوص، إجبار المتعاملين على استعمال الصكوك المالية في كل المعاملات التجارية بداية من مارس 2011، بعد أن لم يستسغ بارونات الاستيراد وكبار التجار، مشروع إجبارية التعامل بالصكوك البنكية فإن الوضع الحالي يؤكد استعداد الحكومة لمعاودة الكرة على بارونات الفساد بعد أن هدأت الجبهة الاجتماعية نسبيا وابتعدت رياح الربيع العربي بعد أن دمرت دولا مجاورة، كما أن انهيار أسعار النفط يشكل محفزا أساسيا لسياسات الحكومة الجديدة التي تهدف إلى الخروج من تبعية المحروقات وتنويع مصادر الدخل الوطني عبر تعزيز الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال الخارجية، هذا الأخير الذي يمر حتما عبر إضفاء جو من الشفاشية في المعاملات والمبادلات التجارية.
المصدر : جريدة البلاد


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.